[center] مصدر الإيجو
من أين أتى “إيجوك” (الإيجو خاصتك) ؟[/center]
لقد نشأ إيجوك وتطور ليكون دوره هو التفاعل مع العالم الخارجي، أو يمكنك أن تقول أن العالم هو الذي ترك لك هذا الإيجو. وذلك العدد الذي لا يحصى من البقع والندوب التي تكوّن مجتمعة إيجوك قد تركته لك الحياة التي عشتها.
إن هناك ندوباً كثيرةً تشكل الإيجو. دعونا ننظر كيف يمكن لأحدها مثلاً أن يتشكل. لنقل أنك في طفولتك كنت تتعرض للاعتداء بالضرب من قبل مربيتك. فلا بد أن ذلك قد ترك أثراً أو ندباً يشكل واحداً من الندوب الكثيرة التي تشكل في النهاية إيجوك الحالي. فماذا ستكون النتيجة؟ ربما تكون نتيجة لذلك تكره تلقائياً كل امرأة تذكرك بها، أو ربما أصبحت تتبنى الضرب كممارسة معيارية مع كل طفل “مشاكس”.
قد يكون ذلك جزءاً كبيراً نسبياً من إيجوك، ولكن حتى الأولويات الصغيرة (مثلاً : لا أحب الجو البارد) وحتى الأشياء الجيدة قد تنشأ من إيجوك. ما الذي أعنيه بذلك؟ لنقل أنك قمت مثلاً بالتبرع لأحد المحتاجين بدافع الطيبة والتعاطف، فذلك ليس سلوكاً إيجوياً، ولكن إذا قمت بالتبرع على أمل أن يعتبرك أحدهم إنساناً عظيماً، طيب النفس، فذلك مثلاً ينشأ من إيجوك.
* الإيجو يؤثر على إدراكك للأمور، وعلى ردات أفعالك
الإيجو الآن يغطي وعيك، ويقوم بتصفية (أو فلترة) كل ما تشعر به وتفعله. إن ذلك يشبه محاولة النظر من خلال نظارات تعرضت للرش بألوان مختلفة من الطلاء، لذلك لا يمكنك أن ترى أي شيء على حقيقته.
ولأن كل إيجو قد تشكل بطرق وأحداث مختلفة، فهذا يعني أنك لن ترى أي شيء بنفس الطريقة التي يراه بها شخص آخر. لهذا السبب يمكن لشخصين مختلفين أن ينظرا إلى الحدث نفسه ويخرجا بتفسيرين مختلفين تماماً؛ وهو السبب الذي يجعل شخصاً معيناً لا يتأثر نهائياً بحدث ما، بينما يقع الآخر في الكآبة بسبب الحدث نفسه.
دعونا نختلق مثالاً عن زوجين ولنسميهما “حسن” و”سعاد” على سبيل المثال. ولنقل أنهما يعملان معاً في مشروع مشترك. ماذا لو انهار العمل في أحد الأيام وخسرا كل مدخراتهما. قد يكون حسن منحدراً من عائلة ميسورة، حيث نشأ مؤمناً أن النقود تأتي بسهولة وبشكل طبيعي، ولذلك سيتعامل مع المصيبة بشكل جيد. فإيجو حسن “يفلتر” الحدث ويخبره أن النقود ستعود قريباً. لكن سعاد قد تكون نشأت على أن الحصول على النقود صعب، ولذلك فستيأس وتنهار. لاحظ: الحدث نفسه.. وردات فعل مختلفة.
هذه المصافي (أو الفلاتر) تؤثر على الأمور الصغيرة أيضاً. فإذا شاهد حسن وسعاد رجلاً وامرأة غريبين يتشاجران، فافتراضاتهم التلقائية ستقفز على الفور. فقد يفترض حسن أن المرأة قد خانت الرجل. بينما قد تفترض سعاد أن الرجل يضرب المرأة في البيت. قد تكون الحقيقة شيئاً مختلفاً كلياً عن كل تلك الافتراضات، لكن ذلك لا يهم، فتاريخهما وإيجو كل منهما يقفز تلقائياً ليخبر كلاً منهما قصة ما.
* عندما تصبح الأشياء جزءاً من هويتك وتعريفك لذاتك
هذا جزء من الايجو أيضاً. والألم الذي يمكن أن تسببه هذه الأشياء واضح، ويمثل مصدراً للكثير من تعاستنا.
هل سبق لك أن رأيت طفلة مع دميتها الجديدة؟ إنها ستبكي إذا ما أخذت منها دميتها وستفعل أي شيء لتسترجعها. ولكنها إذا حصلت بعد بضعة أيام على دمية أخرى جديدة، فإنها لن تبالي أبداً بما حل بدميتها السابقة.
فما الفرق؟
لقد كانت الدمية الأولى جزءاً من إيجو تلك الطفلة، لقد كانت “لها”. وعندما أخذت الدمية منها، فإن الاستلاب من الإيجو هو ما سبب الألم لها ولم تكن خسارة الدمية نفسها، بدليل عدم مبالاتها بالدمية الأولى بعد حصولها على الثانية بعد أيام .
والأمر نفسه ينطبق علينا. فعندما نكبر، تفقد اللعبة أهميتها، لتحل مكانها صديقتنا الجميلة، أو زوجنا الوسيم، أو بيتنا الواقع على الشاطئ، أو حسابنا في البنك.
وهي ليست فقط أشياء مادية، فالإيجو في العادة يعرف نفسه أيضاً بجسم صاحبه، خصوصاً إذا كان الجسم قوياً أو جذاباً. وهناك أشكال أخرى للتعريف مثل الوضع الاجتماعي والسمعة.
أنا لا أقول أن التمتع بتلك الأمور هو خاطئ، لكن لا تجعل نفسك تتحدد من خلالها. لأنك متى فعلت ذلك، تكون قد زرعت بذور معاناتك. فلا يوجد شيء ثابت، وهناك فرصة لخسارة أي شيء مهما كان.
ويمكن أن تعرف أنك قد بدأت تتحدد من خلال شيء ما منذ اللحظة التي تشعر فيها بالانزعاج – مهما كان صغيراً- عند التفكير بإمكانية خسارة ذلك الشيء.
إذْ ما إن يتعرّف الإيجو من خلال شيء ما، حتى يصبح ذلك الشيء جزءاً من الإيجو تماماً كما هي الذراع جزء من الجسم. لذلك فإن سلب ذلك الشيء من الإيجو هو مؤذ للنفسية كما يؤذي قطع الذراع الجسد. فالإيجو هنا قد فقد جزءاً من نفسه.
هذا هو السبب الذي يدفع ببعض الناس إلى الانتحار بسبب خسارة الحب مثلاً – إذا أنهم يكونون قد عرفوا أنفسهم كلياً من خلال ذلك الحب حتى أدت خسارتهم له إلى ترك الإيجو مجرداً من كل شيء. (لقد أصبح الإنسان هنا مثلاً ينظر إلى ذلك الحب كجزء لا يتجزأ من نفسه وشخصيته وكيانه ومفهومه عن ذاته).
وهو السبب أيضاً وراء المبالغ الطائلة التي تجنيها صناعة التجميل – فملايين النساء قد عرفن أنفسهن بمظهرهن، أو بطريقة ما قمن بربط قيمتهن الفعلية والتي لا تنفصل عن ذواتهن بمظهرهن الخارجي. ذلك هو السبب حقيقة وراء كون العالم يسير بالطريقة التي يسير بها، فالإيجو هو المعيار والأساس.
الأسوأ من كل ذلك هو أن الإيجو لا يمكن إشباعه لوقت طويل. فمهما كانت أهدافك في الحياة، فإنك ستحصل فقط على رضاً مؤقت عند تحقيقها، وبعدها سيجبرك الإيجو على أن تذهب وتبحث عن المزيد. وحتى لو أصبحت الأفضل في العالم في ما تريده، فإن إيجوك لن يرضى إلا لفترة محدودة جداً. وذلك يعني أنك لن تحظى بالسلام أبداً، وستبقى تبحث دائماً.