ما هو الإيجو؟ وكيف تمنعه من حجب حقيقتك الداخلية وعظمة شخصيتك؟
كاتب الموضوع
رسالة
سهيل عواد مدير المنتدى
عدد المساهمات : 396 درجات : 6516 تاريخ التسجيل : 28/05/2009 العمر : 50
موضوع: ما هو الإيجو؟ وكيف تمنعه من حجب حقيقتك الداخلية وعظمة شخصيتك؟ الأربعاء يونيو 23, 2010 1:56 pm
الإيجو
يمكن تمثيل “وعيك” أو إدراكك بمساحة دائرية نقية لا تشوبها شائبة. فهو جميل، وكامل، وينعم بالسلام. إنه “الأنا” التي في داخلك، تلك “الأنا” التي تتحكم بجسمك، وعقلك، وعواطفك. وهو حقيقة ما يمثله قولك “إنه أنا”. إنه حقيقة ما كنت عليه عند بداية حياتك. لهذا يمكن تمثيله رسماً بدائرة نقية متجانسة اللون.
وعيك الداخلي
لكنك إذا نظرت إلى دائرتك ستجد الكثير مما يشبه البقع الملونة التي تلطخ صفاءها. وذلك ما يغطي سلامك الداخلي. لقد دخل الإيجو الذي لديك على الخط، وبدأت الحياة تترك ندوبها، والسلام والجمال الداخلي لديك قد حجبته ندوب وجراح لا تحصى، وهي علامات قبيحة تغطي وعيك الحقيقي.
الإيجو يغطي وعيك ويحجبه
فما هي تلك البقع الملطخة التي تفسد كمالك؟
إنها تمثل تلك الأشياء الصغيرة التي تكتسبها من كونك أنت بما أنت عليه: الأشياء التي تعجبك، والتي لا تعجبك، تلك التي تحبها، وتلك التي تكرهها. إنها تاريخك الذي لا تستطيع التخلص منه. إنها ذكرياتك، آمالك، وأحلامك. إنها هواياتك الصغيرة، وتلك الأشياء التي تتصنعها. كل واحد من تلك الاشياء يمثل أثراً أو ندباً، و تجتمع تلك الندوب جميعها لتكون شخصيتك، الإيجو لديك، أو هويتك.
ولكن ما هي شخصيتك؟ أهو شيء أنت مخطئ بشأنه. إن الجميع تقريباً يخطئون بشأنه، فهم ليسوا أفضل حالاً. اسأل أي أحد عمن يكون، وسيخبرك على الأغلب باسمه، وعمره، وعمله، وعرقه، وجنسه، وتاريخ حياته، وأحلامه، وما يحبه وما لا يحبه. فالناس تعرف بنفسها من خلال تلك الأشياء.
وتلك كلها أجزاء من شخصيتك. وهي بالكاد “تتعلق بك”، لكنها ليست أنت. إنها تصفك فقط، لكننا بطريقة ما قد اختزلنا أنفسنا بهذه الصفات، بهذه التفاصيل الصغيرة.
لقد نسينا من نكون؛ لقد نسينا اللب والوعي الحقيقي الذي غطته كل تلك التفاصيل. وذلك أمر محزن، لأن هذا اللب يحتوي على كل ما نريد، وكل ما نبحث عنه في أهدافنا التي نسعى إليها- وهي السلام الذي لا يتزعزع والبهجة والفرح.
ستجد هذه الحقيقة كلما تطرقت إلى مواضيعي السابقة (حتى تلك المبنية على علم النفس الحديث منها) عن الغضب، أو الحزن، أو الصفح، أو السعادة أو غيرها من المشاعر والانفعالات :
إن عليك أن توقف الأفكار قبل أن تسبقك، و أن توقف المشاعر قبل أن تسيطر عليك، عليك أن توقف الإيجو عن أن يخبرك باستمرار بأن الأمور لا يجب أن تكون على ما هي عليه.
وذلك كله يقود إلى الفكرة نفسها: لا تسمح للإيجو أن ينغص على سلامك الداخلي.
وكل طرق التعامل مع النفس من الأديان القديمة إلى علم النفس الحديث تقوم على ذلك المبدأ، لكن كلاً منها يصفه فقط بأسلوب مختلف. وإما أن ينطبق عليها ذلك أو أنها ستكون جاهلة بالوعي الداخلي فلا تأتي على ذكره.
* مصدر الإيجو
من أين أتى “إيجوك” (الإيجو خاصتك) ؟
لقد نشأ إيجوك وتطور ليكون دوره هو التفاعل مع العالم الخارجي، أو يمكنك أن تقول أن العالم هو الذي ترك لك هذا الإيجو. وذلك العدد الذي لا يحصى من البقع والندوب التي تكوّن مجتمعة إيجوك قد تركته لك الحياة التي عشتها.
إن هناك ندوباً كثيرةً تشكل الإيجو. دعونا ننظر كيف يمكن لأحدها مثلاً أن يتشكل. لنقل أنك في طفولتك كنت تتعرض للاعتداء بالضرب من قبل مربيتك. فلا بد أن ذلك قد ترك أثراً أو ندباً يشكل واحداً من الندوب الكثيرة التي تشكل في النهاية إيجوك الحالي. فماذا ستكون النتيجة؟ ربما تكون نتيجة لذلك تكره تلقائياً كل امرأة تذكرك بها، أو ربما أصبحت تتبنى الضرب كممارسة معيارية مع كل طفل “مشاكس”.
قد يكون ذلك جزءاً كبيراً نسبياً من إيجوك، ولكن حتى الأولويات الصغيرة (مثلاً : لا أحب الجو البارد) وحتى الأشياء الجيدة قد تنشأ من إيجوك. ما الذي أعنيه بذلك؟ لنقل أنك قمت مثلاً بالتبرع لأحد المحتاجين بدافع الطيبة والتعاطف، فذلك ليس سلوكاً إيجوياً، ولكن إذا قمت بالتبرع على أمل أن يعتبرك أحدهم إنساناً عظيماً، طيب النفس، فذلك مثلاً ينشأ من إيجوك.
* الإيجو يؤثر على إدراكك للأمور، وعلى ردات أفعالك
الإيجو الآن يغطي وعيك، ويقوم بتصفية (أو فلترة) كل ما تشعر به وتفعله. إن ذلك يشبه محاولة النظر من خلال نظارات تعرضت للرش بألوان مختلفة من الطلاء، لذلك لا يمكنك أن ترى أي شيء على حقيقته.
ولأن كل إيجو قد تشكل بطرق وأحداث مختلفة، فهذا يعني أنك لن ترى أي شيء بنفس الطريقة التي يراه بها شخص آخر. لهذا السبب يمكن لشخصين مختلفين أن ينظرا إلى الحدث نفسه ويخرجا بتفسيرين مختلفين تماماً؛ وهو السبب الذي يجعل شخصاً معيناً لا يتأثر نهائياً بحدث ما، بينما يقع الآخر في الكآبة بسبب الحدث نفسه.
دعونا نختلق مثالاً عن زوجين ولنسميهما “جون” و”فيفان” على سبيل المثال. ولنقل أنهما يعملان معاً في مشروع مشترك. ماذا لو انهار العمل في أحد الأيام وخسرا كل مدخراتهما. قد يكون جون منحدراً من عائلة ميسورة، حيث نشأ مؤمناً أن النقود تأتي بسهولة وبشكل طبيعي، ولذلك سيتعامل مع المصيبة بشكل جيد. فإيجو جون “يفلتر” الحدث ويخبره أن النقود ستعود قريباً. لكن فيفان قد تكون نشأت على أن الحصول على النقود صعب، ولذلك فستيأس وتنهار. لاحظ: الحدث نفسه.. وردات فعل مختلفة.
هذه المصافي (أو الفلاتر) تؤثر على الأمور الصغيرة أيضاً. فإذا شاهد جون وفيفان رجلاً وامرأة غريبين يتشاجران، فافتراضاتهم التلقائية ستقفز على الفور. فقد يفترض جون أن المرأة قد خانت الرجل. بينما قد تفترض فيفان أن الرجل يضرب المرأة في البيت. قد تكون الحقيقة شيئاً مختلفاً كلياً عن كل تلك الافتراضات، لكن ذلك لا يهم، فتاريخهما وإيجو كل منهما يقفز تلقائياً ليخبر كلاً منهما قصة ما.
* عندما تصبح الأشياء جزءاً من هويتك وتعريفك لذاتك
هذا جزء من الايجو أيضاً. والألم الذي يمكن أن تسببه هذه الأشياء واضح، ويمثل مصدراً للكثير من تعاستنا.
ما الذي أتحدث عنه؟
إنني أتحدث عن تعريف الإيجو من خلال الأشياء والناس والجماعات.
هل سبق لك أن رأيت طفلة مع دميتها الجديدة؟ إنها ستبكي إذا ما أخذت منها دميتها وستفعل أي شيء لتسترجعها. ولكنها إذا حصلت بعد بضعة أيام على دمية أخرى جديدة، فإنها لن تبالي أبداً بما حل بدميتها السابقة.
فما الفرق؟
لقد كانت الدمية الأولى جزءاً من إيجو تلك الطفلة، لقد كانت “لها”. وعندما أخذت الدمية منها، فإن الاستلاب من الإيجو هو ما سبب الألم لها ولم تكن خسارة الدمية نفسها، بدليل عدم مبالاتها بالدمية الأولى بعد حصولها على الثانية بعد أيام.
والأمر نفسه ينطبق علينا. فعندما نكبر، تفقد اللعبة أهميتها، لتحل مكانها صديقتنا الجميلة، أو زوجنا الوسيم، أو بيتنا الواقع على الشاطئ، أو حسابنا في البنك.
وهي ليست فقط أشياء مادية، فالإيجو في العادة يعرف نفسه أيضاً بجسم صاحبه، خصوصاً إذا كان الجسم قوياً أو جذاباً. وهناك أشكال أخرى للتعريف مثل الوضع الاجتماعي والسمعة.
أنا لا أقول أن التمتع بتلك الأمور هو خاطئ، لكن لا تجعل نفسك تتحدد من خلالها. لأنك متى فعلت ذلك، تكون قد زرعت بذور معاناتك. فلا يوجد شيء ثابت، وهناك فرصة لخسارة أي شيء مهما كان.
ويمكن أن تعرف أنك قد بدأت تتحدد من خلال شيء ما منذ اللحظة التي تشعر فيها بالانزعاج – مهما كان صغيراً- عند التفكير بإمكانية خسارة ذلك الشيء.
إذْ ما إن يتعرّف الإيجو من خلال شيء ما، حتى يصبح ذلك الشيء جزءاً من الإيجو تماماً كما هي الذراع جزء من الجسم. لذلك فإن سلب ذلك الشيء من الإيجو هو مؤذ للنفسية كما يؤذي قطع الذراع الجسد. فالإيجو هنا قد فقد جزءاً من نفسه.
هذا هو السبب الذي يدفع ببعض الناس إلى الانتحار بسبب خسارة الحب مثلاً – إذا أنهم يكونون قد عرفوا أنفسهم كلياً من خلال ذلك الحب حتى أدت خسارتهم له إلى ترك الإيجو مجرداً من كل شيء. (لقد أصبح الإنسان هنا مثلاً ينظر إلى ذلك الحب كجزء لا يتجزأ من نفسه وشخصيته وكيانه ومفهومه عن ذاته).
وهو السبب أيضاً وراء المبالغ الطائلة التي تجنيها صناعة التجميل – فملايين النساء قد عرفن أنفسهن بمظهرهن، أو بطريقة ما قمن بربط قيمتهن الفعلية والتي لا تنفصل عن ذواتهن بمظهرهن الخارجي.
ذلك هو السبب حقيقة وراء كون العالم يسير بالطريقة التي يسير بها، فالإيجو هو المعيار والأساس.
والأسوأ من كل ذلك هو أن الإيجو لا يمكن إشباعه لوقت طويل. فمهما كانت أهدافك في الحياة، فإنك ستحصل فقط على رضاً مؤقت عند تحقيقها، وبعدها سيجبرك الإيجو على أن تذهب وتبحث عن المزيد. وحتى لو أصبحت الأفضل في العالم في ما تريده، فإن إيجوك لن يرضى إلا لفترة محدودة جداً. وذلك يعني أنك لن تحظى بالسلام أبداً، وستبقى تبحث دائماً.
* قوة التفكير
لنعد إلى دائرتك التي كانت نقية ولطختها تلك البقع التي تعمل كالفلاتر وتشكل مجتمعة الإيجو.
تخيل نقطة صغيرة تقع خارج تلك الدائرة كلها، هذه النقطة تمثل “فكرة” ما. فإذا كنتَ مثلي ومثل 99,9% من الناس على الكوكب، فهذه الأفكار تأتي إلى وعيك باستمرار وخارجة عن أي سيطرة.
[img][/img]
الفكرة تدخل إلى وعيك
فكل ما نفعله يبدأ بفكرة. وتمر هذه الأفكار من خلال فلاتر الإيجو، وتؤثر على أفعالنا. وأفعالنا تؤثر على طباعنا، وطباعنا تحدد شخصيتنا، وشخصيتنا تحدد مسار حياتنا. لذا فإن الأفكار المفلترة أو المغربلة تؤدي إلى كل النتائج غير الصحية.
بعض أنواع الأفكار هي : العشوائية، والواعية، والقادمة من “الأثير”.
الأفكار العشوائية تقفز إلى ذهنك فجأة. وقد تحفزها أشياء متنوعة، كحصول شيء في عالمك الخارجي، أو ذكرى حدث سابق، أو التنبؤ بحدث في المستقبل.
وهذه الأفكار العشوائية تتراوح بين التي لا تؤذي “ياه، ترى ما هي أحوال صديقي الذي كان معي في الثانوية؟” إلى الأفكار التي قد تمنعك من النوم ليلاً. هذه الأفكار تجبرك على إعادة إحياء مواجعك، والقلق على مستقبلك، أو الدفاع عن نفسك داخلياً في جدال قديم مضى وقته.
وإذا لم تعالج هذه الأفكار، فهي التي تقودك إلى الاكتئاب، أو الغضب الشديد، وغيرها من الحالات المشابهة.
ثم تأتي الأفكار التي “تنتجها” واعياً: مثل الأفكار التي تستخدمها عند العمل، أو التخطيط، أو الفعل. هذه هي الأفكار التي تجعلك تضع يدك على فأرة الكمبيوتر وتحركها إلى الأسفل، إلى غير ذلك من الأفكار.
وأخيراً، يذكر العديد من المؤلفين المعتبرين، بما فيهم نابليون هيل، صاحب كتاب “فكر تصبح ثرياً”، أن هناك أفكاراً تأتي من “الأثير”. تلك هي الذكريات والأفكار الجماعية للجنس البشري. وليست لدي على أية حال أي فكرة عما إذا كانت قد خطرت لي فكرة من ذلك النوع. لذا لا يمكنني أن أضمن صحة تلك الفكرة.
لكن ما أنا واثق منه هو أن الأفكار –بغض النظر عن مصدرها- تتفاوت بين التي تأخذك إلى السماء والتي تأخذك إلى الجحيم.
* كيف تأخذك الأفكار عالياً إلى السماء أو أسفلاً إلى الجحيم
بالرجوع إلى مثال الدائرة. فباعتبار النقاط الخارجية تمثل الأفكار التي تأتي إلى الوعي، فإن على تلك النقاط أن تدخل الدائرة وتخرج منها بيسر وسهولة. وهذا ما يجب أن تفعله الأفكار، سواء أكانت جيدة أم سيئة.
تعبر الفكرة خلال وعيك دون أن تتعرض لأي إعاقة
وتخرج
إذا كان بإمكاننا أن نبقي أفكارنا كذلك، فلا يهم عندها إذا كان بإمكاننا أن نتغلب على الإيجو. فبتجاهل الفكرة وجعلها تعوم إلى خارج وعينا، فإنها لن تفعل أي شيء، حتى لو فترتها فلاترنا.
تأتي الفكرة إلينا، فنحصد النفع منها، وندعها تذهب إلى الخارج. نعم، إن كل فكرة هي لصالحنا، حتى إذا لم نرها كذلك. على سبيل المثال، إن الأفكار عن آلام الماضي والتي تأتي إلى ذهنك مكرهاً، تحاول أن تحميك من ألم مشابه قد يحصل في الحاضر أو المستقبل.
إن الأسلوب الذي نتعامل به مع هذه الأفكار هو الذي يجعلها مؤلمة أو غير مؤلمة. فإذا تركنا الذكرى تعوم عبر وعينا، فقد تذكرنا بلحظة صغيرة من خطأ قمنا به في الماضي وتمنعنا بذلك من الوقوع في نفس الخطأ مجدداً. وذلك ممتاز، والفكرة بذلك تكون قد أدت مهمتها، دون أن تسبب لنا أي ألم.
إن ذلك “العبور” للأفكار هو طبيعي بالنسبة لبعض أفكارنا المنتجة. مثلاً “مقال جيد، استخدم الفأرة، اعمل سكرول إلى الأسفل، اقرأ المزيد… وهكذا”
هل تركز على فكرة سحب الماوس تلك؟ هل تشغل بالك؟ هل تفكر باستخدام الماوس وسحبها كل يوم وأنت تقود سيارتك إلى العمل أو وأنت مستلق في سريرك ليلاً تحاول النوم؟
لماذا لا تفعل؟ لأنها لا تشمل الإيجو، ولا تتضمن أية عواطف. فهي مجرد فكرة قديمة صريحة مملة – وفي الحقيقة فإن كل فكرة هي كذلك، حتى تشحنها عاطفة ما، أو تتغربل خلال الإيجو.
إن ذلك المرور العابر السريع للأفكار يجب أن ينطبق على كل أفكارنا. لكنه لا يفعل.
بسبب وجود الإيجو والعواطف المشمولة في الفكرة، هناك شيء في داخلنا يجعلنا نرغب في التركيز على الذكريات السيئة، وقلقنا على المستقبل، وجدالاتنا وشجاراتنا.
لذلك فما نفعله يشبه الإتيان بعدسة مكبرة وتسليطها على هذه الفكرة أو تلك. وهنا بيدأ الألم.
المجهر أسفل الفكرة
وبتسليط المجهر على الفكرة وتكبيرها zooming لا يعود بإمكان الفكرة أن تنزلق خارج وعينا. وذلك يشبه وضع عدسة معكوسة فوق حشرة ما. فالعدسة المكبرة ستحشرها تحتها وتضخمها في نفس الوقت.
حبس الفكرة وتضخيمها
وتصبح الفكرة بذلك تشغل حيزاً كبيراً من وعينا. وتحكم قبضتها علينا. وتشغلنا إلى درجة أننا لا نستطيع أن نؤدي وظائفنا كما ينبغي. وكلنا نعلم كم هو صعب ذلك الإحساس.
إنه مؤلم لأنك لا تدرك أن الإيجو هو وراء ذلك. ومعظم الناس على هذا الكوكب هم كذلك. فالفكرة، أو الشجار، أو الدور، أو الجدال، أو أياً كان ما نركز عليه، يسيطر عليناً بالكامل لأنه شغل حيزاً ضخماً من وعينا لدرجة أننا لم نعد ندرك أنه مجرد فكرة. لقد أصبحنا مرتبطين بالفكرة ومعرفين لأنفسنا من خلالها حتى أصبحنا نحن الفكرة.
عد بذاكرتك إلى جميع لحظاتك التعيسة. أليس ما قلناه صحيحاً بالنسبة لها؟ وبقدر ما تضخم الفكرة، وبقدر الوقت الذي تحبسها خلاله داخل وعيك، قد تصبح نكداً، أو تعجز عن النوم، أو تختلق المشاجرات من لا شيء، أو تفقد أعصابك، أو تغضب، أو تضرب الجدران، أو تصاب بالاكتئاب، أو حتى تقتل نفسك.
وأسوأ ما في الموضوع عند تضخيم أي فكرة، هو أنها تترك أثراً أو بصمة على نفسيتنا حتى بعد أن تنتهي.
لنعد إلى مثال دائرتك ولنقل أنك أحضرت المجهر وسلطته على فكرة ما داخل الدائرة، فبعد زوال الفكرة ومرورها إلى الخارج وبعد أن ترفع المجهر، ستجد أن المجهر قد ترك أثراً معتماً في دائرتك. وكلما مرت خلاله فكرة مماثلة، تصبح بقعته المعتمة أعمق وأوضح، حتى تصبح مغروسة بعمق في وعينا.