سهيل عواد مدير المنتدى
عدد المساهمات : 396 درجات : 6516 تاريخ التسجيل : 28/05/2009 العمر : 50
| موضوع: المجـال المـوحَّـد الجمعة يناير 15, 2010 1:50 pm | |
| المجـال المـوحَّـد في المنظورين الطبِّي والنفسي
قيصـر زحكـا
ركَّز كثيرٌ من علوم الطبابة القديمة، ومنها الطب الهندي الكلاسيكي المعروف بالأيورڤيدا Ayurvēda، – على العكس من الطب الغربي المعاصر، – على علاج المريض ككلٍّ متكامل، وليس كمجموعة أجزاء. ويقول الطب الأيورڤيدي بأن لكلٍّ منَّا ثلاثة مظاهر: الوعي والعقل والجسم.
وكلمة "أيورڤيدا" مشتقة من كلمتين: الأولى vēda، وتعني المعرفة والعلم، والثانية ayu، وتعني الحياة؛ وبالتالي، يعني الأيورڤيدا علم الحياة. وعمر الأيورڤيدا ليس معروفًا تمامًا، لكنه على الأرجح يعود إلى عدة آلاف من السنين. وكما في الحضارات القديمة جميعًا، حيث كانت مصادر الأشياء تُعزى دومًا إلى قوى خارقة مقدسة، عُزِيَ مصدرُ الأيورڤيدا هنا إلى قصة تدور حول حكماء "رائين" متنوِّرين (ريشي Rishi)، هالَهم مبلغ شقاء البشرية من المرض والفقر والتعاسة، فقرروا أن يفتشوا عن أعماق الحقائق حول صحة الإنسان وفسيولوجيته الطبيعية، في سبيل الحيلولة دون إصابته بالمرض والشقاء. ولكي يحصلوا على الإجابات المطلوبة، نهضوا سوية لتأمل جماعي، بينما قام أحدهم، وهو بهاردڤاجا Bhāradwāja، بالبحث عن الإجابة. وفي هذا الجو الشديد التناغم الذي جمع عقولاً قديرة في حالة تأمل وتناغم قصوى، استطاع بهاردڤاجا جمع جوهر الأيورڤيدا. ومن هذه القصة نستنتج ملاحظتين أساسيتين:
1. الاهتمام بالصحة الجماعية وبقيمتها البالغة في الأيورڤيدا؛
2. أهمية التأمل في رفع مستوى الوعي وجعله أكثر سموًّا.
وصل الأيورڤيدا إلى نظام متطور جدًّا في فترة ما. فقد وصفت النصوصُ الأيورڤيدية الدوران الدموي قبل وليم هارڤي William Harvey (1578-1657) بآلاف السنين، كما وصفت نوعين من داء السكري، وميَّزت طبقات الجلد، واعتمدت إجراءات جراحية مازالت مستعمَلة حتى يومنا هذا.
لكن تم تحطيم الأيورڤيدا إبان سنوات الاحتلال الأجنبي الطويلة للهند، وأحيانًا بشكل مفتعل مقصود، فسادت نظرةٌ إليه على أنه نظام متخلِّف بالقياس إلى الطب الغربي والحضارة التي أنتجتْه. وبذا فقد ممارسو الأيورڤيدا الاتصال فيما بينهم، وازدادت حدةُ الخلاف بينهم؛ والأهم من ذلك كلِّه أن مفهوم الوعي ودور التأمل والتقنيات العقلية في تفتحه قد أُهمِلَ تمامًا.
بذا عندما استقلت الهند في العام 1947 كان وضع الأيورڤيدا مأساويًّا. لكن الروح القومية الناشئة شجعت على عودة ظهوره، بالإضافة إلى اهتمام الغربيين أنفسهم به. فكما يقول كارل يونغ:
عندما تقوم دولةٌ باستعمار دولة أخرى وبفرض مبادئ وتقاليد وعادات جديدة عليها، نلحظ مع الوقت أن الدولة المستعمِرة تتأثر أيضًا بالدولة المستعمَرة وبمبادئها وقيمها.
في العام 1971، أصبح الأيورڤيدا جزءًا من النظام الصحي القومي، بعد أن كان هذا غربيًّا بحتًا. ومع ذلك، شعر الخبراء أن الأيورڤيدا لم يعد كما كان، وأن بعض أبوابه لم يعد لها من وجود يُذكَر، ولاسيما الأبواب ذات العلاقة بالوقاية وبالوعي، حيث اختُزِلَ الأيورڤيدا إلى وصفات لأدوية نباتية وحسب.
مهاريشي مهيش يوگي (1918-2008)، محيي علوم الأيورڤيدا ومؤسِّس مدرسة التأمل التجاوُزي. إذ ذاك قام مهاريشي مهيش يوگي Maharishi Mahesh Yogi بتركيز الاهتمام على الأيورڤيدا وإحيائه متكاملاً، مستعينًا بخبرات أطباء بارزين، مثل دويڤيدي Dwivedi وتريگونا Triguna وبالراج مهارشي Balraj Maharshi. فتريگونا، مثلاً، ترأس المجمع الأيورڤيدي الهندي فترة طويلة، وكان يُعتبَر أشهر الخبراء في التشخيص بقياس النبض؛ أما دويڤيدي فكان رائدًا في المستحضرات النباتية المسماة "راسايَنا" rāsayana. ونتيجة هذا التعاون، قاموا بالتوصل إلى تحديث ممارسة الطب الأيورڤيدي وتطوير طرائقه، لكن دون المساس بمبادئه القديمة الرئيسية؛ فأعيد إحياء هذا الطب في صورته المتكاملة، بما فيه دور الوعي والتأمل، وصار يطبَّق في عيادات مختلفة في الهند وأوروبا واليابان وأفريقيا وروسيا وأستراليا وشمال أمريكا وجنوبها بفضل أطباء تمرسوا في هذا المضمار.
يضع الڤيدا الوعي ركيزةً أولى له. وهذا لا يعني إهمال الجانبين الآخرين، وهما العقل والجسم؛ بل الأصح قولنا إن الجسم يشكل قمة جبل الجليد العائم فوق الماء، بينما يشكل العقل جزءًا صغيرًا من المستوى تحت الماء، أما الجزء الأكبر الغائص في الأسفل فهو الوعي.
ولكن ما هو تعريف "الوعي" consciousness؟ تُستعمَل هذه الكلمة مؤخرًا بمعانٍ مختلفة، مثل منهج سياسي معين، أو في لغات الكمپيوتر والبرمجة، أو للدلالة على إدراك حقيقة معينة من حقائق الحياة. أما هنا فتعني بالذات ذلك الجزء منَّا الأكثر حميمية وارتباطًا بتجربتنا الحياتية، ذلك الجزء الذي يقع على مرتبة أعمق من مراتب الأحاسيس والمشاعر والأفكار. إنه المعرفة الداخلية؛ إنه المختبِر في حدِّ ذاته، في كلِّيته، وليس فقط الأفكار والمشاعر والأحاسيس المتغيرة الزائلة. فإذا كان المرء يريد الاستغناء عن واحدة من ملَكاته الذهنية، فهذا آخر ما يمكن له أن يضحِّي به، لأنه من دون الوعي لا شيء يسجَّل هنا.
يعتبر الڤيدا أن تجربتنا اليومية للوعي ما هي إلا لمحة عمَّا هو ممكن. ففي الواقع، في التجربة اليومية، تبقى "الذات" Self (أو المختبِر الداخلي أو "الشاهد الصامت") محتجبة. فنحن نختبر الأفكار والمشاعر والأحاسيس وسائر صنوف الإدراك، ولكن ليس المختبِر بذاته. إن احتجاب تلك الطبيعة الداخلية الهامة هو مصدر المرض والبؤس في الحياة بنظر الڤيدا، كما سيتبين. من ناحية أخرى، فإن هذا "الشاهد الصامت"، هذه الحالة من الوعي المحتجبة هي أعمق صلة لنا مع الكون ومع قوانين الطبيعة كلِّها؛ فهي تتجاوز تجربتنا العقلية لتشمل كلِّية الحياة.
بحسب التقليد الڤيدي، ليست الطبيعة "موضوعية" objective، وهي ليست متَّكلة على أشياء مادية، بل هو يعتبر أن الحقيقة الأساسية ذاتية بالدرجة الأولى، وهي حقل أو مجال أزلي غير متعيِّن من الذكاء المجرَّد الخالص أو الوعي. وهذا "الحقل الموحد" Unified Field هو مقر قوانين الطبيعة جميعًا. وكل ما نراه في الواقع هو موجات أو ذبذبات أو نبضات من مجال الوعي الموحَّد هذا. وما عقلنا وجسمنا في الحقيقة غير ذكاء محض في حركة. وبحسب الموروث الڤيدي، إذا سكن العقل أمكن له أن يلمس مجال الوعي المحض هذا؛ وبالرياضة المستمرة، وبلمسه مرَّات ومرَّات، يمكن له أن يحيا في هذا الحقل الموحَّد وبه.
لا يعتبر الڤيدا هذه التجربة "مريحة" وحسب، بل يعتبرها ضرورية من أجل الصحة المثالية، ومن أجل اختبار حالات عليا من الوعي تُسمَّى بـ"التنور" enlightenment. ويسمِّي الڤيدا الذات بـ"الأتمن" ātman، ويقول بأن تسامي هذه الحالة من التنور يجعل الذات (أتمن) يتفتح كزهرة اللوتس على حالتها الشاملة الكلِّية المدعوة برهمن Brahman أو الذات الكلِّية. والتنور لا يعني الحصول على معلومات أو حقائق معينة أو اكتساب نمط تفكير بعينه، بل يعني الإشراق الداخلي؛ إنه يعني أن عقل الإنسان قد تنوَّر تنورًا كاملاً بهذا الحقل من الوعي الصافي الخالص، المتصاعد من جوهر الطبيعة.
فكما أن الشجرة تصل بجذورها إلى مكامن الماء تحت الأرض، يستطيع العقل الإنساني أن يهدأ ويستقر في الداخل والأسفل وأن يختبر مجال الذكاء المحض اللامتناهي. ويقول المهاريشي أن اختبار المرء هذه التجربة مرتين يوميًّا، من خلال التأمل وغيره، يجعل العقل الإنساني معتادًا على هذا المجال، حتى يستطيع العقل أن يكون على تماس دائم مع هذا المجال الموحَّد وهو يقوم بأعماله اليومية. يقول المهاريشي:
في الأيام الأولى من التأمل فقط يضطر الإنسان إلى التأمل من أجل اختبار مستوى العقل الساكن والصامت هذا وحالة الوعي المحض هذه. ولكن مع الوقت، وعلى التناوب بين تجربة التأمل والحياة اليومية، يتخلَّل ذلك الوعيُ المحضُ العقلَ ويستقر فيه. وعندما يصبح هذا المستوى المحض حقيقة قائمة، حتى عند القيام بالأعمال اليومية، نصل إلى مرحلة التنور، وتصبح حياتنا خالية من العذاب والألم، حياة تصبح فيها كل فكرة وعمل صحيحين تلقائيًّا.
إن حالة التنور ليست بحالة روحية "صوفية" فقط، بل هي تؤثر تأثيرًا إيجابيًّا على مستويات حياتنا كلِّها، من صحة وعلاقات أسرية واجتماعية وإنسانية ومهنية.
الفعل من خلال القانون الطبيعي
قد يقول قائل إن الأفعال كلَّها تخضع لقوانين الفيزياء والبيولوجيا وغيرها. لكن علوم الڤيدا تفهم هذا القول فهمًا مختلفًا: فبعض الأفعال يؤدي إلى نتائج مرغوب فيها ويعزز الحياة والانسجام، وبعضها الآخر يؤدي إلى نتائج سيئة غير مرغوب فيها من خلال عدم أخذها قوانين الطبيعة في الحسبان. عندما يمشي شخص ما على حافة سطح بناء، فإن سقوطه يخضع طبعًا لقانون الجاذبية، ولكن عمله هذا يؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها؛ وبالتالي، فإن ما يحدث هنا متوافق مع قانون الجاذبية، لكنه غير متوافق مع ما يُسمَّى بـ"القانون الطبيعي" Natural Law. أما إذا حاول الإنسان اجتناب السقوط من على الأسطح، فهو بذلك يعمل بالتوافق مع قانون الجاذبية ومع القانون الطبيعي. كذلك فإن العناية بالأطفال عمل متوافق مع القانون الطبيعي؛ أما إهمالهم وأذيتهم، في المقابل، فهو غير متوافق معه.
من خلال التنور، يكون الإنسان قادرًا – تلقائيًّا – على أن يعمل بالتوافق مع القانون الطبيعي. وللتوافق مع القانون الطبيعي تأثيرات ديناميَّة أيضًا في حياتنا اليومية: يذكر كثير من الرياضيين الكبار خبرةً يسمونها بـ"الدخول في المنطقة" entering the zone، حيث يشعرون، لهنيهات، أن كلَّ فعل يفعلونه هو تلقائيًّا أو أوتوماتيكيًّا صحيح! وهذه في النهاية لحظات من التنور الطبيعي، تذوُّق لما يعنيه أن نحيا الحياة تلقائيًّا بالتوافق مع القانون الطبيعي.
الڤيدا والفيزياء
على غرار ما ذكرتُ سابقًا عن الڤيدا، فإن الفيزياء الكوانتية تقول أيضًا بأن الأجسام المادية ما هي إلا أمواج أو ذبذبات من حقل غير مادي. يقول علم الميكانيكا الكوانتية أن القسيمات الأولية elementary particles ما هي إلا آثار موجيَّة على حقول كوانتية أساسية. فهذه القسيمات ما هي في النهاية غير معلومات، "احتمالات" بأن شيئًا معينًا سيحدث. وعلى هذا، عندما يصبح العالم مجموعة من المعلومات الاحتمالية، لا يعود يبدو لنا وكأنه آلة نيوتُنية ضخمة، بل يصبح أشبه بـ"فكرة" أو معرفة تعبيرية. وفي الواقع، لا يوجد في الكون الكوانتي أصلاً مكان للمادة، بعكس قول الفيزياء الكلاسيكية، عندما لا يكون هناك مكان للعقل.
الخطوة التالية في الفيزياء الكوانتية هي فهم أن الحقول الكوانتية المختلفة تنشأ من حقول قليلة. وقد أظهر العلماء في العام 1960 أن القوة الكهرطيسية والقوة النووية الضعيفة – وهما اثنتان من القوى الأساسية الأربع في الطبيعة – هما في النهاية حقل واحد بمظهرين مختلفين، وكذلك أن القسيمات الأولية المختلفة، من نوترينوات neutrinos وكواركات quarks وغيرها، ما هي إلا ذبذبات لحقل مادي واحد يُدعى بالـlepto-quark. وفي الحقيقة، ترى الفيزياء اليوم أن جميع قوى الطبيعة وقسيماتها ذبذبات لـ"حقول فائقة" superfields ثلاثة.
السؤال الأساسي في الفيزياء اليوم هو إيجاد مجال أو "حقل موحَّد فائق" Superunified field شامل خلف الحقول الفائقة الثلاثة. ويعتقد بعض العلماء أن لديهم حدسًا بوجود نظرية مجال موحَّد يدعونها بنظرية "الوتر الفائق" Superstring؛ ومنهم مَن يعتقد أنه قد يجد حلَّها خلال قرن من الزمان. وإذا تمكن العلماء من ذلك، سيكونون قادرين على تفسير كلِّ شيء في الطبيعة، بما فيها أجسامنا، كأنماط من الاهتزازات لوحدات غير مادية وتصاعدية.
لقد وصف الفكر الڤيدي الكون دائمًا من هذا المنظار. ولقد قام جون هيغلن John Hagelin وغيره بإجراء دراسات لإيجاد المتوازيات بين الڤيدا والفكر الفيزيائي الحديث، وخاصة كيفية تعبير الوحدة عن نفسها بالتعددية. وسننظر أولاً كيف رأى الڤيدا ذلك، ثم نقارن هذا الرأي بنظرة الفيزياء الحديثة.
آليات التكوين
علينا، أولاً، أن نجيب عن السؤال التالي؟ لماذا يتحول مجال شامل من النقاوة الخالصة واللاتغير إلى ظاهرات كثيرة مختلفة وكيف؟ يجيب الڤيدا كما يلي: لما كانت طبيعة الحقل الموحَّد وعيًا محضًا كاملاً، فمن الطبيعي أن يكون واعيًا مدرِكًا؛ ولما كان الوعي – في عمق التكوين – هو الحقيقة الوحيدة، فليس لدى الوعي إلا نفسه ليدركه. وبسبب طبيعة الوعي نفسها، فهذا الوعي المحض لا يمكن له أن يلجم نفسه عن معرفة نفسه؛ وبهذا يكون الوعي وحده مدرِكًا لنفسه، وتعود مرجعيُته دائمًا لنفسه. وهنا نجد أن الوعي غير المنقسم يصير تلقائيًّا ثلاثية تعددية هي: "المدرِك" knower و"المدرَك" known و"سيرورة الإدراك" process of knowing، أو "الراصد" observer و"المرصود" observed و"عملية الرصد" process of observation. يصبح الوعي هو الفاعل والمفعول به والفعل، أو الذات والموضوع والصلة بينهما، فيكون واحدًا في ثلاثة وثلاثة في واحد في آنٍ معًا.
يُطلَق بالسنسكريتية على المدرِك اسم "ريشي" rishi وعلى المدرَك "تشهانداس" chhāndās وعلى سيرورة الإدراك "ديڤتا" dēvatā، ويُطلَق على الوحدة التي ينبثق منها الثلاثة ويستمرون بالبقاء من خلالها "سمهِتا" samhitā. وهناك خطوة أخرى في هذا المنهج: فالوحدة أو سمهتا تتحول إلى ثلاثية ريشي وديڤتا وتشهانداس، ثم تعود إلى الوحدة من جديد، على التناوب: انبساط في الثالوث، الذي هو في الحقيقة طيف من الوحدة، فانقباض من جديد على الوحدة من خلال ما يسمى بـ"التذبذب اللانهائي" infinite frequency. هذا التأرجح بين الواحد والثلاثة يحقق دينامية خلاقة رائعة في مجال كان صامتًا بإطلاق: فهاهنا تبدأ تنوعات الخلق والتكوين، وتتحول وحدة الوعي الخالص وتفرُّده إلى تنوع رائع، ويتحول صمت الوعي المحض إلى دينامية خلاقة.
من الوعي إلى المادة
لا يُعتبَر كسرُ وحدة المجال الموحَّد عملية تلقائية فقط، بل هي أيضًا عملية تدريجية تتم على مراحل أو أشواط. ومتى بدأت هذه السيرورة الذاتية الداخلية، فهي تستمر استمرارًا غير محدود، مؤديًا إلى تعقيد الكون. وهذه التفاعلات بين ريشي وديڤتا وتشهانداس، وفقًا لإيقاع هذه النبضات الخلاقة، تحوِّل حقل الذكاء الخالص إلى حقل المادة. تُحدِثُ هذه النبضاتُ الأولية تفتحات متدرجة؛ ومن أول هذه التفتحات ما يُسمَّى بالواقع العقلي – "الأنية" I-ness, ego، ahamkāra – يليها العقل intellect (بالسنسكريتية: "بودهي" buddhi)، وهو القدرة على الحكم والتمييز. يقف العقل (أو بودهي) في نقطة البرزخ بين الوحدة والتعددية، بين الواحد والثلاثة، بين سمهتا من وجه وبين ريشي وديڤتا وتشهانداس من وجه ثانٍ.
ومع الوقت، يحدث تفتح أكبر وأكبر وتعبير مستمر – إلى أن نصل إلى المادة، التي تندرج ضمن خمسة عناصر أساسية تدعى بـ"المهابوترا" mahābutra، أغرب ما فيها أنها تشبه الأنماط الأساسية الخمسة في الفيزياء. ومن هذه العناصر الخمسة تنشأ تمازُجات، لتصير ثلاثة مبادئ فيزيائية أساسية تُدعى بـ"الدوشا" dosha التي توازي الحقول الفائقة الثلاثة في الفيزياء. وهذه المبادئ الثلاثة (دوشا) تحكم المبادئ الأساسية للجسم.
يحيلنا هذا الكلام إلى الثلاثية التي انطلقنا منها، وهي الوعي والعقل والجسم. وعلينا أن نتعامل مع الثلاثة لأن الوعي هو مصدر العقل والجسم، والجسم هو الترسب النهائي للواقع الشخصي. ومن هنا أهمية الأفكار والمشاعر من حيث تأثيرُها البالغ على الجسم. يتجلَّى العقل قبل الجسم، فيما يتجلَّى الجسم عن العقل. وكما تتعمق جذور الشجرة لتصل إلى مكمن الماء، فإن استنارة العقل في حالته غير المحدودة، عبر إعادة اتصاله بالحقل الموحَّد، تغذي الصحة والجسم من المنبع الأساسي.
تورد الفيزياء الكوانتية أفكارًا مشابهة لعلم الڤيدا، إذ تقول بأن الحقل الموحَّد الهائل ذو طبيعة "ثلاثة في واحد"؛ وهو صامت وساكن أبدًا، وفي الوقت نفسه دينامي ومتحرِّك أبدًا، ويتجلَّى من خلال عمليات تلقائية لكسر هذا التناغم الواحد.
الڤيدا والفسيولوجيا
تصف الفيزياء الكوانتية العالم بوصفه أنماطًا اهتزازية لحقل موحَّد من المعرفة الخالصة. وهذا مشابه تمامًا لما يقوله الڤيدا ولما تعنيه كلمة "ڤيدا" أصلاً: معرفة knowledge. ويمكن القول بأن مضمون الڤيدا هو قوانين الطبيعة، معبَّرًا عنها ليس في معادلات رياضية، بل في اهتزازات؛ وهذه الاهتزازات – بالنسبة لعلوم الڤيدا – يمكن سماعها كـ"أصوات" عندما يصبح وعيُ الإنسان متعمقًا في الوعي التجاوُزي أو المتسامي transcendental consciousness. يتكلم أول أجزاء الڤيدا، وهو الرِگْڤيدا Rigveda، عن تغيرات ريشي وديڤتا وتشهانداس، مفسرًا كيف يؤدي العقل المستنير في حالته الكاملة في الحقل الموحَّد إلى حياة متناغمة تلقائيًّا مع القانون الطبيعي. والعقل في هذه الحالة المستنيرة يحوي قوانين الطبيعة كلَّها ضمن هذا السلوك الهادئ.
تذكر تقاليد الڤيدا 40 نمطًا أساسيًّا من اهتزازات الحقل الموحَّد، أولها الكلِّية Totality، فيما التسعة وثلاثون نمطًا الأخرى هي الآليات المتعيِّنة لهذا التكامل؛ وهناك أجزاء وأجزاء تحتية من هذه الآليات. ولقد ذُكِرَت الأنماط الأربعون من الاهتزازات ضمن الأربعين جزءًا من الأدبيات الڤيدية، ولوحظ تشابُه كبير بينها وبين الـ40 مظهرًا من مظاهر علوم التشريح والفسيولوجيا البشريين. ومن أهم رواد هذه الدراسات عالم الفسيولوجيا العصبية اللبناني الأصل طوني نادر.
إعادة ترتيب التسلسل
في عملية التكوين، ومن خلال كسر التناغم القائم في المجال الموحَّد، على هذا الكسر أن يكون تلقائيًّا ومتسلسلاً كما ذكرت. ينشأ المرض، بحسب علوم الڤيدا، من اضطراب في التسلسل التعبيري للقانون الطبيعي. فعلى سبيل المثال، يكون المرض التنكسي (مثل التهاب المفاصل التنكسي وداء پاركنسون ومرض ألزهايمر وتنكُّس اللطخة الصفراء وغيرها) نتيجة اضطراب في التتابع أو التسلسل المنظَّم للقانون الطبيعي؛ لذا يقوم العلاج على إعادة الانفتاح المتسلسل الصحيح للقانون الطبيعي.
كيف يكون العلاج وتصحيح الخطأ الحاصل متاحًا؟ من خلال تسكين المخ إلى حالته الأساسية البسيطة من الوعي، وهو الوعي المتسامي أو التجاوُزي؛ ومن خلال ملاحظة أن المجال الموحَّد هو مقام جميع قوانين الطبيعة، ومنها القانون المؤدي إلى تكوين الجسم. والطريقة التي نعيد من خلالها تصحيح التسلسل في التعبير عن القانون الطبيعي هو من خلال إعادة ارتباطنا بالمجال الموحَّد أو اختبار الوعي المتسامي.
الوعي المتسامي هو حالة الوعي المحض الصافي الذي يعي وجود نفسه فقط، واعيًا طبيعتَه غير المتعيِّنة؛ وهذه حالة من السعادة الصافية أو الغبطة: "آنندا" ānanda – هذا من الناحية الشخصية؛ أما من الناحية الموضوعية، فهذا الوعي يُحدِثُ فعلاً تغييراتٍ واضحةً في فسيولوجيا الشخص من خلال دماغه، الذي تستتب فيه مويجات من نمط α (ألفا)، وكذلك تحسين عمل الجملة العصبية الذاتية (كما وُجِدَ في اختبارات المقاومة الجلدية الأساسية)، وتحسين التنفس، وانخفاض مستوى الـlactate في المصل (وهي مادة كيميائية تدل على الفعاليات الاستقلابية)، وتقليل الجذور الحرة free radicals (وهي مواد تؤدي لأكسدة الخلايا وتلفها المبكِّر)، وتحسين تحمل الضغط النفسي stress، وتحسين عمل القلب، إلخ.
لا تتوقف المعالجة الڤيدية على التأمل طبعًا، بل تشمل أيضًا الطعام والأعشاب الطبية والتمارين الرياضية واليوگا والعلاج بالأصوات البدئية. وعندما يحقِّق الإنسان الوعي المتسامي، يحصل على المدد الكافي من تسلسل قوانين الطبيعة الصحيح، فيصير توقيت الرياضي ممتازًا، من خلال حسابه التلقائي لكلِّ قوة وزاوية عليه أن يؤدي من خلالها، ويعرف المريض تلقائيًّا الخطوات الصحيحة التي ينبغي عليه اتباعها من أجل صحة أفضل، وبالأحرى يصبح الجسم نفسه تعبيرًا عن المجال الموحد. ولهذا آثار جليلة وواضحة على الصحة والشفاء: فهو يعيد النظام والترتيب الصحيح الذي يجب أن يسود في الجسم. وهنا لا يظل الجسم مادة وحسب، بل يصبح أنماطًا من الوعي والذكاء متفتحة تفتحًا تدريجيًّا.
"نسيان" المجال الموحَّد: ما هي پراگيا أپراد prāgya-aparādh؟
ولكن لماذا حصل الخطأ والمرض أصلاً؟ لماذا تغيَّر التسلسل الطبيعي للقانون الطبيعي وتعبيره الجسماني؟ يعود السبب، بحسب المهاريشي، إلى طبيعة المجال الموحَّد الثلاثية وإلى التداخلات بين ريشي وديڤتا وتشهانداس. عندما تُتناسى الطبيعة الموحَّدة، ويتم من خلال التعقل (بودهي) الحكم والتمييز بين هذه المركبات الثلاثة وتُتناسى طبيعتُها الأصلية الموحَّدة، تصير "مركِّبات مدرَكة فكريًّا" intellectually conceived components.
عليَّ أن أذكر هاهنا أن عملية التعقل لا تشير إلى ما نقيسه بمعدلات الذكاء IQ فقط، بل تعني شيئًا أعمق من ذلك بكثير: فهي تعني الطبيعة التي تستطيع التمييز والحكم والتي تقف عند اتصال الوحدة (سمهتا) مع تعددية ريشي وديڤتا وتشهانداس.
يوضح المهاريشي أن التعبير المادي التعددي لا يسبِّب أية مشكلة مادام التعقل لا ينساق إلى التعددية والتمييز والأحكام ولا يتوقف عليها؛ ولكن كما تحجب عاصفة رملية المنظر بأكمله، كذلك يمكن لتيارات ودوامات التداخلات الدينامية بين ريشي وديڤتا وتشهانداس أن تحجب الحقيقة بأكملها. يضيع التفكير في هذا المعقَّد من العالم المتغير باستمرار، ويصير الوعي متكلاً على الموضوع أو الغرض بدلاً من اعتماده على الذات، ويصير قناع تشهانداس (وهو الموضوع المرئي المدروس) هو محط الاهتمام حصرًا. بذا تصير الممتلكات المادية وما يراه الإنسان حوله هو الأساس، وتتوارى ذكرى وحدة الوعي (سمهتا). وهذا الوعي الجديد المجزَّأ يُدعى بـ"خطأ التفكير" prāgya-aparādh.
عليَّ أن أوضح هنا أن هذا الكلام ليس وجهة نظر شخص معين أو حضارة بعينها، بل نجد لها آثارًا في الحضارات كافة، مثل الهندية والصينية واليابانية، إلى الشرق أوسطية والصوفية وثقافة الهنود الحمر، إلخ؛ نجدها في كتابات جبران وميخائيل نعيمه، إلى الحلاج وابن عربي والنفَّري، إلى أفلوطين ودانتي ووليم بليك ووالت ويتمان، إلى غيرهم كثيرين ممَّن تكلَّموا على وحدة الأشياء والوعي. يقول وليم جيمس William James (1842-1910)، الفيلسوف الأمريكي المشهور:
على السطح، نبدو منفصلين واحدنا عن الآخر، مثل جزر في البحر؛ لكننا، كجزر البحر، متصلون على مستوى قاع المحيط.
أعيد وأكرر أن المشكلة لا تكمن في التعدد والتنوع، – الذي على العكس يتيح غنًى وتجربة كبيرين؛ – المشكلة لا تكمن في تجلِّي الوعي الخالص على صورة المادة، بل تكمن في نسيان هذه الوحدة ونحن نتمتع بتعبيراتها المادية – وهذا هو "خطأ التفكير": إن تمتعنا بالمادية والتعددية وتجذُّرنا فيهما ليسا مشكلة في حدِّ ذاتها، لكنه يصير كذلك عندما ننسى الوحدة والأصل. "فقدان الذاكرة" هذا، كما تسميه علوم الڤيدا، يؤدي إلى محاكمة خاطئة للأشياء والتصرفات وكيفية السلوك في شأن حياتنا وصحتنا. يتخذ المرء إذ ذاك قراراتِه متكلاً على الحواس الخمس بدلاً من الاعتماد على كلِّية الحياة. قد يختار الإنسان عندئذٍ أن يأكل الكثير مما لذَّ وطاب، أن يغالي في العمل، أن يهمل النوم، أن يُكثِر من العلاقات الجنسية أو من تصرفات تؤدي للمرض؛ وهذه، بالتالي، تؤدي إلى فقدان التسلسل الصحيح في التعبير عن القانون الطبيعي في الجسم.
تصير پراگيا أپراد عند ذاك مصدر الأمراض كلِّها، فتحدد آليتها، وتعرِّض المرء لاختيار نمط من الحياة لا يبالي بالصحة، بالإضافة إلى التقليل من التعبير عن الوعي والذكاء الفطري في الجسم. عندما يتم قلب پراگيا أپراد وتغييرها، نكون قادرين على إعادة التوازن والصحة وتحسين الحياة على المستويات والأصعدة كافة. وإن تقنيات الوعي مصمَّمة من أجل التغلب على پراگيا أپراد واستعادة ذاكرة المجال الموحَّد.
"خطأ التفكير" هذا (پراگيا أپراد) بات اليوم حالة عالمية. وناهيكم عن تأثيره السيئ على الصحة، فله أثر ذهني مجرَّد أيضًا: بما أن نظرتنا العادية إلى العالم أصبحت خاطئة، فالعالم الذي نراه أمسى "وهمًا": مايا māyā، وهو المصطلح الڤيدي الدال على الوهم؛ والأشياء الصلبة التي نراها ما هي إلا أمواج على مجال أو حقل لامادي، والتنوع الذي نراه ينشأ من وحدة محتجبة باطنة. وهنا نلحظ التشابه الكبير بين علوم الڤيدا وبين الفيزياء الكوانتية التي تقول أيضًا بأن العالم المادي وهمٌ ناجم عن إعمال حواسنا وتفسيراتنا. لقد أسهب في دراسة هذه الأفكار علماءٌ أفذاذ، أمثال السير جيمس جينز Sir James Jeans، السير آرثر إدنغتون Sir Arthur Eddington، ڤيرنر هايزنبرغ Werner Heisenberg، إروين شرودنغر Erwin Schrödinger، وغيرهم من علماء القرن العشرين؛ ولكن پول ديڤيس Paul Davies عبَّر عنها في إيجاز ووضوح في قوله: "عالمنا الواقعي التجريبي ما هو إلا خدعة sham."
للأسف، تستمر علوم الطب الحديث في اتباع النظرة التقليدية في التفكير، وتنظِّر للجسم بوصفه آلة ضخمة مؤلَّفة من مادة صلبة، قد تصاب بعوامل خارجية نعالجها عن طريق إطلاق "طلقات سحرية"، وهي الأدوية، أو قطع أجزاء من الجسم وإلصاقها؛ وطبعًا ننبهر بما نراه من تقنيات جديدة، كما ننبهر بما نراه في العالم المادي! إذا أمسكنا، مثلاً، بقطعة خشب بشكل عمودي ضمن ماء جارٍ، سيشكل الماءُ حول قطعة الخشب شكلاً معينًا، ثم ينساب بعده من جديد؛ قد يبدو لنا هنا أن الماء حول قطعة الخشب هو نفسه لأنه يشكل الشكل نفسه، لكن جزيئات الماء تتغير باستمرار، وهي جزيئات جديدة في كلِّ ثانية.
يمكن لنا أن ننظر إلى القسيمات المادية كأمواج ساكنة، قد تبدو لنا صلبة وغير متغيرة، لكنها في الواقع ذبذبات في حقل كوانتي أعمق. الذرات والقسيمات الفردية تأتي وتذهب متبدلةً باستمرار، ووحده النمط الأصلي الأعمق يبقى هو هو. وهذا يصح على الجسم أيضًا: بعض الذرات يتبدل كلَّ بضعة أيام أو حتى كلَّ بضع دقائق قليلة. وفي هذا التيار من التغير المستمر، ما يبقى نفسه هو تلك الموجة الساكنة المعقَّدة؛ أما الجسم نفسه فهو نمط، وليس مجموعة عناصر مادية.
هذا يعني أن على الطب أن يتغير تغيرًا جذريًّا. المقاربات السطحية ستبقى لها استعمالات: إذا كُسِرَت قدمُك ستحتاج إلى الجبس؛ ونظرتنا إلى العالم ككرة بلياردو يمكن لها أن تبقى صحيحة جزئيًّا هي الأخرى. ولكن فكرة "الجذور الحرة"، التي نشأت من نظرتنا الأعمق من رؤية مجرد خلايا وتجاوزتْها إلى القسيمات، أصبحت شائعة. ويجعلنا هذا نتساءل: أليس علينا أن ننظر أعمق إلى القسيمات التي هي عبارة عن أمواج ساكنة؟ إن هدف الأيورڤيدا هو تطبيق نظام طبِّي متكامل، يعتمد بالدرجة الأولى على إدخال الوعي وعلاقته بالصحة إلى مفاهيمنا الطبية التقليدية.
التأمل التجاوُزي TM كمثال على تطبيق فكرة الوعي
لا يُعتبَر التأمل التجاوُزي Transcendental Meditation طريقة سرَّانية، كما أنه ليس دينًا بعينه، وهو لا يتطلَّب قناعات معينة، بل هو في اختصار عبارة عن تقنية عملية من أجل تحسين أداء الدماغ وجعله أكثر انسجامًا واسترخاءً في أداء العمليات المختلفة والوصول إلى مستويات وعي أعلى، وبالتالي الحصول على نتائج فسيولوجية ونفسانية أفضل على المستويات كافة وفي أجزاء الجسم كلِّها. وهذا، في حدِّ ذاته، يزيد من منسوب النجاح والنتائج الجيدة في العمل والعلاقات الأسرية والشخصية والإنسانية[1].
يعتمد التأمل التجاوُزي على استعمال أصوات معينة تدعى "منترا" mantra، يُعتقَد أن لها دورًا صحيًّا ونفسيًّا من خلال اهتزازاتها[2]. ويختلف التأمل التجاوُزي عن الطرق الأخرى التي تستعمل أصواتًا بأن الإنسان الممارِس لهذه الطريقة لا يجبر نفسه على التركيز على المنترا تركيزًا قسريًّا، بل يكتفي فقط بترداده تردادًا بسيطًا. وقد تأتي الخواطر والأصوات الأخرى، فيمر عليها مرور الكرام. وشيئًا فشيئًا، تصبح اهتزازات الخواطر، وحتى المنترا نفسه، أرق وأعمق، لتتلاشى بعد ذلك في عمق المجال الموحَّد Unified Field وعمق الوعي التجاوُزي.
هكذا، رويدًا رويدًا، يصير المنترا المستعمَل في التأمل التجاوُزي مسموعًا عقليًّا، فلا يردَّد تردادًا لفظيًّا فقط، فيضعف ويغوص شيئًا فشيئًا في الأعماق، إلى أن يذوب في المجال الموحَّد، كما ذكرت. فالمنترا وسيلة فقط من أجل أن يتجاوز الدماغ الخواطر والأفكار الواعية. وبذلك يختبر العقلُ حالاتٍ ألطف وأرق من المنترا، إلى أن يتجاوز ليس المنترا فقط، بل سيرورة التفكير برمتها، وتصبح حالة الإنسان هاهنا صمتًا داخليًّا عميقًا في حضور عقل صاحٍ تمامًا لكنه ساكن تمامًا.
لقد قام د. كيث والاس Keith Wallace من جامعة كاليفورنيا UCLA وعدد من العلماء من بعده بالعديد من التجارب والدراسات المختلفة (التي تجاوزت الـ500 دراسة منذ العام 1970) على تأثيرات التأمل التجاوُزي، وطُبِعَتْ دراساتُهم في العديد من المجلات العلمية المشهورة[3]. وقد أظهرت هذه الدراسات التأثيرات الإيجابية للتأمل التجاوُزي في خفض التوتر النفسي والقلق والاكتئاب والعديد من الأمراض النفسية والعضوية، مثل أمراض القلب والعضلات والدماغ والرئتين إلخ، من خلال التأثيرات على الجملة العصبية الذاتية والاستقلاب. فمثلاً، كانت المقاومة الجلدية الأساسية أعلى إبان التأمل التجاوُزي منها في طُرُق الاسترخاء الأخرى أو إبان الأوقات الأخرى؛ وهذا يدل على توازُن أكبر في الجملة العصبية الذاتية. كما انخفض عدد مرات التنفس في الدقيقة واستهلاك الأكسجين، وانخفض حمض اللبن في المصل (وهو معيار الفعاليات الاستقلابية)، وانخفض مستوى الكورتيزول (وهو معيار كيماوي للتوتر النفسي)، وانخفض استقلاب العضلات والكريات الحمر، وفي الوقت نفسه، ازدادت التروية الدموية للدماغ.
مستويات الوعي العليا
من الصعب جدًّا وصفُ مستويات الوعي العليا لشخص لم يختبرها، تمامًا مثل وصف حالة اليقظة لشخص كان يعيش طوال وقته في حالة النوم! لذا فإنه لإيضاح هذه الحالات، لا بدَّ من التركيز على نتائجها الفسيولوجية، من تحكُّم أكبر بوظائف الجسم، ووعي أفضل لحاجاته الأساسية، وكذلك من خلال الدراسات التي أُجرِيَتْ على تخطيط الدماغ الكهربائي EEG.
1. حالة اليقظة: تتميز حالة اليقظة بأنها حالة إدراك للعالم الخارجي، وقدرة على التفاعل معه، ووجود إدراك جيد للأفكار والمشاعر والأحاسيس؛ ولكن، في المقابل، يوجد إدراك ضئيل لحالة الوعي نفسها. تتميز حالة اليقظة تخطيطيًّا بوجود مويجات β (بيتا) السريعة (13-30 هرتز).
2. حالة النوم العميق: لا يوجد هنا إدراك لأيِّ شيء في المحيط الخارجي أو الداخلي أو للأفكار والمشاعر والأحاسيس. تتميز هذه المرحلة تخطيطيًّا بوجود أمواج δ (دلتا) البطيئة جدًّا (0.5-3 هرتز). وهذه الحالة هي ما يُعرَف طبيًّا بالمرحلتين 3 و4 من النوم (المرحلتان 1 و2 من النوم، فهما مرحلتان انتقاليتان بين اليقظة والنوم العميق)؛ وتتميز ببعض التنبُّه للأصوات الخارجية وسرعة الانتقال من النوم إلى اليقظة وبالعكس.
3. حالة الأحلام: تتميز هذه المرحلة بوجود إدراك إهلاسي للعالم. وهنا يدرك العقل، خطأً، أن أحاسيسه وانطباعاته هي مظاهر من العالم حوله، ويرتكس لها على هذا الأساس. تتميَّز هذه الحالة تخطيطيًّا بوجود أمواج θ (ثيتا) البطيئة نسبيًّا (4-7 هرتز)، وتُعرَف طبيًّا بمرحلة REM أو مرحلة "حركات العينين السريعة" Rapid Eye Movements.
عندما يكون المرء في حالة يقظة، لكن مع استرخاء العينين وإغماضهما، تظهر عندئذٍ أمواج α (ألفا) في النواحي الخلفية من الدماغ؛ وهي أمواج متوسطة السرعة (8-13 هرتز)، وبالتالي، أقل سرعة من أمواج β (بيتا) وأسرع من أمواج θ (ثيتا) وδ (دلتا) التي تظهر في مرحلتي الأحلام والنوم العميق على التوالي.
يطلق المهاريشي والعلماء الذين درسوا تأثيرات التأمل التجاوُزي وغيرها من الطرق على التأمل التجاوُزي اسم الحالة الرابعة. لماذا؟ لأنهم وجدوا أنها حالة تتميَّز عن الحالات الثلاث الأخرى المدروسة طبيًّا، ولا يمكن تصنيفُها تمامًا في خانة أية من الحالات الأخرى. تتميز هذه الحالة بانتباه هادئ، حيث لا يوجد إدراك للعالم الخارجي، من أفكار ومشاعر وأحاسيس، لكن مع وجود وعي ويقظة هادئين في حالة من الراحة الفسيولوجية، مع استهلاك أكسجين أقل بكثير من أعمق مراحل النوم حتى. تكون عناصر حالة اليقظة، من أفكار ومشاعر وأحاسيس، "متجاوَزة"، ويصبح الإنسان مدرِكًا للوعي نفسه. وعلى مستوى التخطيط، تظهر أمواج α (ألفا) عالية الاتساق والتواقت highly coherent and synchronized. وما يميِّزها عن حالة الاسترخاء هي أنها عالية الانسجام والتوافق، بمعنى أن الطور الإيجابي يأتي في الوقت نفسه على مساري الدماغ كلِّها، وكذلك الطور السلبي؛ أما في حالة الاسترخاء، فتكون غير متوافقة بالطور، وتظهر خاصة في المناطق الخلفية فقط.
تُعتبَر "الحالة الرابعة" حالة تحضيرية للوصول إلى مستويات أعلى من الوعي؛ وهي، كما قلت، صعبة الوصف. إنها كما لو أن فيلمًا سينمائيًّا من الأفكار والأحاسيس قد أوقف واستطاع المرءُ النظر أخيرًا إلى الشاشة التي تُعرَض عليها هذه الأفكار والأحاسيس. وهي تجربة منعشة ومريحة جدًّا، وتسمح للشفاء والتجدد أن يحدث بسرعة أكبر. ومن الناحية التجريبية، توصف غالبًا بحالة هادئة عميقة، وعند الأشخاص الذين تأملوا لفترة طويلة، توصف بتجربة مباركة.
الوعي الكوني Cosmic Consciousness
في هذه الحالة، لا يعيش الإنسان الوعي التجاوُزي إبان التأمل فقط، بل يعيشه وهو يقوم بالنشاطات الأخرى كافة، من نوم وأحلام ويقظة. ما يعني أن إدراك الوعي وسكون الفكر وعدم قفزه المستمر من فكرة لأخرى، وكذلك نعمة الوعي التجاوُزي، تُعاش في الوقت نفسه مع حالات الوعي الأخرى. تتميَّز هذه الحالة فسيولوجيًّا وتخطيطيًّا بأمواج α (ألفا) منتظمة ومتوافقة في كلِّ نصف كرة مخية، وبين نصفي الكرتين المخيتين، سواء إبان التأمل أو خارجه، وحتى إبان النوم. وتتناقص الحاجة للنوم عندئذٍ إلى معدل 3-4 ساعات يوميًّا.
من الصعب طبعًا فهمُ هذه الحالات واستيعابُها دون اختبارها اختبارًا شخصيًّا. من الممكن الكلام على فوائدها العملية، التي تشمل إبداعًا أكبر، ذكاءً أجلى، وقدرةً أكبر على الشفاء الذاتي وتجاوُز الأمراض والعقبات النفسية والاجتماعية. إن الإدراك الأوسع والقدرة الأكبر على الشفاء قد يصبحان سمتين أساسيتين من سمات طب المستقبل.
لا تُعتبَر مستويات الوعي العليا higher states of consciousness حالات وعي متبدِّلة altered states، كما في التنويم المغناطيسي أو في تأثير الأدوية والعقاقير والكحول، لأنه يوجد هنا إدراك للوعي ولكلِّ ما حول الإنسان، لكن بارتكاس أقل ونظام دماغي مختلف، عالي التوافق والانسجام. فالعباقرة ليسوا مَن يفكرون أكثر أو يجبرون أنفسهم على التفكير أكثر، بل يكون المستوى العقلي الذي يعملون من خلاله أعلى.
وجد د. كينيث إپلي Kenneth Epley (معهد أبحاث جامعة ستانفورد) أكثر من مائة دراسة أُجريت حول فوائد طرق الاسترخاء والتأمل المختلفة، بما فيها التأمل التجاوُزي، وأجرى ما يُسمَّى بالتحليل المقارن meta-analysis بين الدراسات المختلفة، فوجد أن التأمل التجاوُزي استطاع خفض القلق أكثر بمرتين من الطرق الأخرى. وبعد ذلك، قام بإجراء دراسة استباقية prospective study قارن فيها بين فوائد التأمل التجاوُزي وغيرها من الطرق، فوجد أن خفض القلق كان أكبر بأربع مرات منه في الطرق الأخرى المختلفة.
مجال الطاقة الإنسانية Human Energy Field
لقد تكلَّم الهنود منذ أكثر من 5000 سنة على طاقة كونية سموها "پرانا" prāna، أو نَفَس الحياة، وجدوها تتحرك في كلِّ مكان وفي الأشكال كلِّها، فتعطيها الحياة. وقد سمَّى الصينيون منبع هذه الطاقة بالطاو Tao. قام اليوگيون عبر التاريخ بمحاولة استعمال جزء من هذه الطاقة عبر تمارين التنفس والتأمل والتمارين الرياضية من أجل الوصول إلى حالات أعلى من الوعي والشباب. أما الصينيون، حوالى 3000 ق م، فقد سموا هذه الطاقة "تشي" chi، ولها وجهان قطبيان: "يَنْگ" yang و"يِنْ" yin – فإذا ما استتب التوازنُ بين القطبين، كانت العضوية في صحة ممتازة؛ لكن عندما يختل التوازن تحدث الأمراض المختلفة.
لقد ذكر جون وايت John White في كتابه علم المستقبل Future Science وجود 97 حضارة مختلفة ذكرت هذه الطاقات والهالات بـ97 اسم مختلف. وقد رأى الباحثان بواراك Boirac وليبو Liebault قي القرن الثاني عشر أن للإنسان طاقة يمكن لها أن تؤثر في شخص آخر عن بُعد، وأنها يمكن أن تكون صحية أو غير صحية فقط من خلال وجوده. وقد أطلق الطبيب الحكيم پاراكِلسُس Paracelsus في القرون الوسطى على هذه الطاقة اسم "إلياستر" Iliaster، ذاكرًا أنها تتكون من قوة حيوية ومادة حيوية. أما عالما الرياضيات هِلمونت Helmont ولايبنتس Leibniz في القرن الثامن عشر، فقد رأيا، على حدِّ تعبيرهما، سائلا كونيًّا يتخلَّل الخليقة كلَّها، وهو ليس فقط مادة متكثِّفة، بل طاقة حيوية تسري في الأجسام قاطبة. قام هلمونت ومِسْمِر Mesmer بدراسة خصائص هذه الطاقة، وسماها مِسْمِر بـ"المغناطيسية الحيوانية" animal magnetism وحاول استعمالها طبيًّا بما سُمِّي لاحقًا بـ"المسمرية" mesmerism أو التنويم المغناطيسي hypnosis.
صرف الكونت ڤلهلم فون رايشنباخ Wilhelm von Reichenbach ثلاثين سنة من عمره مختبِرًا هذه الطاقة التي أسماها "القوة الأودية" Odic Force، وذلك في منتصف القرن التاسع عشر. وقد وجد أن لها صفات عديدة مشابهة لصفات الحقل الكهرطيسي الذي اكتشفه ماكسويل سابقًا، لكنها أيضًا ذات صفات تميِّزها عن الكهرطيسية:
1. لا تقتصر القوى الأودية فقط على الأجسام الممغنطة، بل توجد أيضًا في البلورات أو الكريستالات التي لا تتمتع بصفة المغنطة (أما الأجسام الممغنطة، فتتمتع بالكهرطيسية، بالإضافة إلى القوى الأودية).
2. يوجد للقوى الأودية قطبان أيضًا: فإما أن تكون حارة وحمراء ومزعجة، وإما أن تكون باردة وزرقاء ومريحة، وذلك بحسب ما يرصده الأشخاصُ الحسَّاسون.
3. على العكس من الكهرطيسية، فهنا تتجاذب الأقطاب المتشابهة like attracts like، لا الأقطاب المختلفة.
4. درس فون رايشنباخ العلاقة بين الإشعاعات الكهرطيسية الصادرة من الشمس ومن كثافة الحقل الأودي، فوجد أنها توجد بكثافة عظمى ضمن النطاق الأحمر والأزرق والبنفسجي من المجال الشمسي.
5. وجد فون رايشنباخ، من خلال اختبارات أُجريت بما يسمَّى بـ"التعمية المزدوجة" double-blind experiments، أن الأشخاص ارتكسوا لعناصر الجدول الدوري للعناصر بدرجات مختلفة من الحرارة أو البرودة: فالعناصر الإيجابية منحت شعورًا بالحرارة والانزعاج، أما العناصر السلبية، فأعطت إحساسًا بالبرودة والارتياح؛ وكانت درجة الانزعاج أو الارتياح ملائمة لمكانها في الجدول الدوري.
6. وجد فون رايشنباخ أن القوى الأودية يمكن لها أن تنتقل عبر الأسلاك بسرعة بطيئة جدًّا (حوالى 4 متر/ثانية)، وأن السرعة تتعلق بالكثافة الكتلية أكثر منها بالناقلية الكهربائية. كما وجد أن القوى الأودية يمكن لها أن تتركَّز إذا مرَّت في عدسة، بينما قسم منها يمر حول العدسة، كما يمرُّ لهبُ الشمعة حول الأشياء التي توضع في طريقه. كما وجد أنها تتأثر، مثل لهب الشمعة، بالتيارات الهوائية؛ وهذا ما دعاه إلى الاستنتاج بأن بنيتها أشبه ببنية سائل غازي، أو أنها ذات طبيعة تشبه السائل، كما أنها في الوقت نفسه ذات طبيعة طاقية، مثل الأمواج الضوئية.
7. وجد فون رايشنباخ أن القوى في الجسم البشري أحدثت قطبية شبيهة بالقطبية الموجودة في البلورات؛ وعلى هذا الأساس، سمَّى الجانب الأيسر من الجسم بالقطب السالب والأيمن بالموجب (هذا ما يشبه فكرة الينگ والين في الكوسمولوجيا الصينية).
رسم تخطيطي يبيِّن طبقات الهالة الثلاث الأساسية حول الجسم.
رسم تخطيطي تبسيطي يبيِّن هالات مركَبات الوعي الست حول الجسم وعلاقاتها بمراكز الطاقة السبع (تشاكرا) على طول العمود الظهري.
في العام 1911، قام الطبيب د. وليم كِلنِر William Kilner بدراسات وتجارب على مجال أو حقل الطاقة الإنساني كما رآه من خلال شاشات ملونة وفلاتر مختلفة، وذكر رؤيته لرذاذ متوهج ذي ثلاث طبقات حول الجسم البشري: سماكة الطبقة الأولى حوالى ربع الإنش عرضًا، قاتمة نسبيًّا، تطوِّق الجسم مباشرة، محوطة بطبقة أكثر بخاريَّة متشعِّعة بالتعامد مع الجسم، سماكتها حوالى الإنش (2.5 سم تقريبًا) عرضًا، ومن بعدها طبقة أخرى ذات لمعان لطيف، سماكتها حوالى 6 إنشات عرضًا. وقد وجد كِلنِر أن هذه الهالة aura تختلف كثيرًا من شخص لآخر بحسب العمر والجنس والصحة العامة والقدرات الذهنية والروحية، وقام بتطوير نظام من التشخيص الطبِّي قائم على المظهر العام لهذه الهالة وألوانها وطبيعتها وحجمها.
ڤلهلم رايش (1897-1957)
وفي القرن العشرين أيضًا، قام د. ڤلهلم رايش Wilhelm Reich (وهو طبيب ومحلِّل نفسي وزميل لفرويد) بدراسة الطاقة الكونية التي سماها الأورگون Orgone، ودرس علاقة الاضطرابات التي تصيب سريان الأورگون في الجسم الإنساني مع الأمراض العضوية والنفسية، وقام بتطوير طُرُق، جمع فيها بين طُرُق التحليل النفسي الفرويدية وبين طُرُق فيزيائية جسمية، من أجل تحرير عوائق سريان الأورگون في الجسم البشري. قام رايش بين العامين 1930 و1950 باختبارات على هذه الطاقة باستعمال أحدث الوسائل الطبية والإلكترونية المتوفرة آنذاك، واستطاع أن يرصد أن هذه الطاقة تنبض في السماء[4] وحول الأشياء الحية وغير الحية كلِّها، وحتى في الأحياء الصغيرة جدًّا، باستعمال مجهر عالي الدقة والحساسية. ومن بين الأجهزة التي اخترعها جهاز سمَّاه "مجمِّع الأورگون" Orgone accumulator، استطاع بواسطته تركيز طاقة الأورگون وشحن أشياء أخرى بها، ووجد أن أنبوبًا مفرغًا من الهواء يمكن له أن ينقل تيارًا كهربائيًّا بفرق كمون أخفض بكثير إذا وُضِعَ لفترة زمنية طويلة في مجمِّع الأورگون!
رسم تخطيطي يوضح أجزاء "مجمِّع الأورگون" كما صمَّمه ڤلهلم رايش. جهاز مطوَّر عن "مجمِّع الأورگون" صمَّمه رايش لرصد الطاقة النابضة في الجو.
قام العديد من الأطباء والعلماء بدراسة مجال الطاقة الإنساني، ومن بينهم د. شفيقة كرگُلا Shafica Karagulla ود. Dora Kunz (التي كانت رئيسة الجمعية الثيوصوفية في أمريكا). كذلك قام جون پييراكوس John Pierrakos بوضع ما يسمَّى "علم الطاقة الجوهري" Core Energetics، استعمل فيه نظامًا من التشخيص والعلاج للاضطرابات النفسية مبنيًّا على وجود مجال طاقة أو "مجال مغناطيسي"، كما سُمِّي أحيانًا، خاص بالإنسان.
كما قام هيروشي موتوياما Hiroshi Motoyama بقياس درجات قليلة من الضوء صادرة عن أناس مارسوا اليوگا لفترات طويلة، وذلك بعد وضعهم في غرف مظلمة، باستعمال كاميرا وأفلام خاصة. وكذلك قام الطبيب الصيني جينگ رونگلينگ Zheng Rhongliang من جامعة لانتشو Lanzhou بكثير من القياسات والمقارنات لطاقة تشي بين الأشخاص العاديين وبين ممارسي رياضة الـ"تشي قونگ" Chi-qong.
صورة ليد باتباع تقنية التصوير التي ابتكرها العالم الروسي كيرليان، تظهر فيها حقول المادة المتأيِّنة حول الأصابع. أما العالم الروسي پاپوڤ Papow وزملاؤه، فقد اكتشفوا أن الكائنات الحية كلَّها تصدر اهتزازات تتراوح سعتها بين 300 و2000 نانومتر، وسموا هذه الطاقة بـ"الحقل الحيوي" Biofield أو Bioplasma، ووجدوا أن الأشخاص القادرين على العلاج بهذه الطاقة ونقلها ذوو حقل حيوي أكبر وأقوى من الأشخاص العاديين. هذه الأبحاث دعمتْها لاحقًا أكاديمية العلوم في موسكو ومؤسَّسات مختلفة في بريطانيا وهولندا وألمانيا وپولندا.
شخص يتهيأ لتصوير هالته. صورة تبدي "غيمة الهالة" للشخص نفسه في أثناء التصوير. كانت أكثر التجارب إثارةً تلك التي قامت بها د. ڤالوري هنت Valorie Hunt وزملاؤها في جامعة كاليفورنيا. فمن خلال قيام بعض الاختصاصيين بالعلاج بالطاقة على أشخاص معينين، قامت بوضع إلكترودات مصنوعة من الفضة أو كلور الفضة على الجلد، وفي الوقت نفسه، قام سبعة اختصاصيين بقراءة الهالة آتين من "مركز النور الشافي" Healing Light Center في گلينديل (كاليفورنيا) بقراءة هالة المعالِجين والمعالَجين من خلال اللون والحجم وحركات الطاقة لكلٍّ من مراكز الطاقة (تشاكرا) وما يُسمَّى بـ"غيوم الهالة"، وسجَّلت ما رأتْه على شريط التسجيل للمعلومات المسجَّلة إلكترونيًّا نفسه، ثم تم التحليل | |
|