قصتك يا دانة تشير لقانون التدرج
والذي ارغب بالاضافة لتوضيح هذا القانون
فما النار العظيمة إلا وليدة شرارة صغيرة
الله سبحانه على جلاله وعظمته وقوته ، قد خلق السماوات والأرض في ستة أيام (وهي آلاف السنين في حسابنا نحن البشر)..لماذا ؟ لماذا لم يقل كن فيكون فتخلق السماوات والأرض في لمح البصر ؟...إنها رسالة للبشرية أجمع وكأنه يبلغنا بأسلوب عملي : إني جعلت لكم في الأرض سنة وقانون يسمى قانون التدرج...وسأجعل هذا القانون يسري في كل أمور حياتكم.
- الشمس تشرق وتغرب بالتدرج وكذلك القمر وكان الله قادرا على أن يجعل الصبح يطلع فجأة والليل يأتي فجأة...ولكنها سنة التدرج.
- الشريعة نزلت على آدم عليه السلام بقوانين تختلف عن تلك النازلة في التوراة وهذه مختلفة بدورها عن الإنجيل الذي يختلف عن شريعة القرآن....وكان الله قادرا على إنزال شريعة القرآن على آدم ويثبتها على مر العصور...ولكنها سنة التدرج.
- الإنسان يكبر ويقوى بالتدريج ثم يهرم ويضعف بالتدريج..فلا تجد رجلا نام ثم استيقظ ليفاجأ بأن شعره قد شاب !..ولكن الشيب يأتي تدريجيا خصلة خصلة...
- علوم الانترنت والطائرات والكهرباء لم تأت إلا بعد آلاف السنين من تواجد البشرية على الأرض، وكان الله قادرا على أن يعلم هذه الأمور لآدم منذ أول يوم على الأرض...ولكنها سنة التدرج !
- الخمر لم يحرم إلا بعد 21 عاما من بعثة الرسول ، ولم يحرم الربا إلا بعد 22 عاما أي قبل عام واحد من وفاته...وكان الله قادرا على تحريم كل شيء من أول يوم من البعثة...ولكنها سنة التدرج.
- بين وفاة أبو حامد الغزالي (الذي له دور كبير في انشاء الجيل الذي حرر القدس) وبين تحرير القدس الفعلي على يد صلاح الدين 80 سنة !! وكان من الممكن أن يحرر الله القدس فور ظهور أبو حامد الغزالي على الساحة...ولكنها سنة التدرج.
الذين يعلنون الجهاد على أمريكا وبريطانيا ويقومون بعمليات كانت آخرها أحداث بريطانيا المؤسفة...هم لا يحاربون الغرب وإنما يحاربون سنن الله في الكون...سنن التدرج وسنن إقامة الحضارات... وهي السنن التي بناء عليها يأتي النصر ويأتي التمكين في الأرض....هي سنن لم يتجرأ حتى الأنبياء على كسرها أو معارضتها....
ثم يأتي بعض الناس ممن يعتقدون أن النصر والتقدم سيأتي بين يوم وليلة عن طريق قتل 50 بريئا ليس لهم في الطور ولا في الطحين ، بل وقد يكون منهم من يؤيد المسلمين في قضاياهم ويعارض دولته في سياستها في العراق وفي الشرق الأوسط.....
هنالك شعرة تفصل بين الإنسان الشجاع والإنسان المتهور المجنون....
هنالك شعرة تفصل بين الإنسان الحكيم الحليم والإنسان الجبان......
الحكمة هي أن تضع الشيء السليم في المكان السليم في الوقت السليم......
خير وسيلة لتعلم الحكمة هي قراءة السيرة النبوية قراءة متأنية فنتعلم متى نسالم ومتى نحارب....متى نعفو ومتى نعاقب....متى نصبر ونحلم ومتى نتفاعل وندافع.....متى نطنش ومتى نحزم...
أتساءل وأفتح هذا التساؤل لكل قارئ لهذه المقالة : بربكم... إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم بيننا اليوم هل كان سيقود ويأمر ويخطط لمثل هذه العمليات ؟؟...بربكم.... اقرأوا سيرته صلى الله عليه وسلم وتأملوا حياته ومواقفه على مدى 23 عاما من حياته وقولوا لي...هل يمكن أن يكون هذا هو تفكير الحبيب لو كان بيننا في عام 2005 ؟؟؟....
من أحلى ما كتب في السيرة : كتاب (هدي السيرة النبوية في التغيير الاجتماعي) للكاتبة حنان اللحام....
اللهم بلغنا الحكمة فمن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا...
أحسنتي دانة وبارك الله بكم جميعا